للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أو انحرف الرجل, تسرَّبَتْ عوامل الهدم إلى البيت، وهذا هو القرآن المجيد يقص علينا صورًا من هذا الخلاف الذي أدّى إلى شقاء الزوجات حينًا، وإلى شقاء الأزواج حينًا آخر، فيقول: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ، وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آَمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} ١.

توخي الحذر في هذه الأيام من نكاح غير المسلمات:

ولهذه الأهمية نهى القرآن الكريم المؤمنين عن الزواج بالمشركات, أو تزويج المشركين للمؤمنات, بقوله -سبحانه وتعالى: {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} .

والسبب الذي لأجله كان بينته الآية: {أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ} [البقرة: ٢٢١] .

أما الزواج من الكتابيات -يهودية كانت أو نصرانية- فلأن لها كتابًا سماويًّا, فهي في الأصل مؤمنة قبل التحريف والتبديل الذي فعلته الأيدي الآثمة في كتب الله المنزلة، وكما أنه يرجى بالزواج منها أن تتعرف إلى الإسلام، وتسمع عقيدة التوحيد الصافية التي لم ولن يتطرق إليها يد البشر، وكان هذا الأمر بينًا واضحًا يوم أن كان للإسلام قوته وعزته، وصولته وجولته، أما وقد تبدلت الأيام, وضعف حال المسلمين، وتشتت أمرهم، وفقدوا عز دولتهم وسلطانهم، ولم يعد لكثير من


١ سورة التحريم آية ١١.

<<  <   >  >>