فما قال -عليه السلام- أو فَعَلَ أو قرَّر عليه لا يُعارض إلا بمثِله، أو بأن يُجمِع المسلمون بعدَه على خلاف ذلك، فيتضمن إجماعُهم: قولًا عنه، أو فِعلًا، أو تقريرًا. هذا إن اتفق إجماع في مثل هذه الصورة، وإلا فقد مَنَعَ من ذلك الشافعيُّ وغيره من أهل الأصول.
وأما القول الثاني: وهو عدم بيعهنَّ، فهو الذي عليه الجمهور، وهو الصحيح الجديد من مذهب الشافعي، فإنه قال رحمه الله:«إذا وطاء الرجلُ بالملك فولدت له فهي مملوكةٌ بحالها، لا ترث ولا تورث، إلا أنه لا يجوز لسيدها بيعها، ولا إخراجها من ملكه بشيء غير العِتق، وإنها حرَّة إذا مات من رأس المال» إلى أن قال: «وهو تقليدٌ لعمرَ بن الخطاب».
وحجته: ما قال مالك في «الموطأ»: عن نافع، عن عبد الله بن عُمر: أنَّ عُمرَ بن الخطاب رضي الله عنه قال: «أيما وليدة ولدت مِنْ سيدها؛ فإنه لا يبيعها، ولا يهبها، ولا يورثها، وهو يستمتع منها، فإذا مات فهي حُرَّةٌ».
وهكذا رواه عبيد الله بن عُمر، عن نافع.
ورواه فُليح، عن عبد الله بن دينار، عن عُمر.
ورواه الثوري وسليمان بن بلال وغيرهما، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عُمر، عن عُمر رضي الله عنه.
قال البيهقي: وقد رَفَعَهُ بعضُهم من هذا الوجه.
قلت: فقال الدارقطني: حدثنا أبو بكر الشافعي، حدثنا القاسم بن زكريا المقراء، ثنا محمد بن عبد الله المخرمي، ثنا يونس بن محمد من أصله