خاصة وأنه قد قطع المسافة من نزلاباد إلى هنا، وذلك غير لائق بكرمه وسيادته، فإن الحرّ يخاف بواب الدار، كما يخاف عذاب النار.
فقال لي الرئيس حمزة: صدقت فيما نطقت؛ لكنني رأيت عن طريق التفرّس في ذلك الولد، أن وجهه عنوان رسالة الإقبال، وأراه- أي ابنه- لتكبره بتلك الدولة التي لم تقم بعد كمن ضمّه جبريل تحت جناحه، وتلألأت الشمس المشرقة على مفرق رأسه:
لا تسأل المرء عن ضمائره ... في وجهه شاهد من الخبر «١»
وطبعي لا يسمح لي بمجالسته؛ فلو كان الشيخ أبو الحسن يأتي وحده لكان عزيزا مكرما، ولما نازعه البواب بالمنع. ثم إن الشيخ أبا الحسن جاءه وحده، وودّع الرئيس حمزة قائلا: سأذهب إلى غزنين لحقوق لي من الممالحة والمجالسة مع الوزير أحمد بن عبد الصمد العبّاسيّ، ولخشيتي من جباة الضرائب أن ينزلوا على رأسي كما تنزل اللعنة على إبليس بغتة. ثم ذهب إلى غزنين.
واتفق أن وصل الشيخ أبو الحسن البندار في كنف السلامة إلى غزنين، وفي الحال رأى ضرورة الاستحمام لإزالة الأوضار والأوساخ والأدناس ووعثاء السفر، وعندما فرغ، وصل إلى الحمام سوري مع غلمانه، فعرفه سوري وقال: أتتك بحائن رجلاه «٢» ، ثم أمر بإلقاء القبض عليه، فقال:
أتغلق باب السجن دوني وهمّتي ... إذا هبطت أوفت على مطلع النسر
لقد رضت أوصال الزمان وإن طغى ... ولكنها الأقدار تجري كما تدري
وكان الوقت آنذاك في شهر رمضان، فلما حان وقت صلاة العشاء ومدت مائدة