فولادوند العالم المئة من عمره، وقوّس الدهر ظهره، وضعفت حواسه، اتفقت كلمة الديالمة على أن كل من رضي أن يضع صدره لطعنة المزراق «١» هدفا، ولم ير في الموت عارا، فإن السيادة والرئاسة تكون وقفا على أولاده وأحفاده، ولا أحد يخلع ربقة الطاعة لهم.
كان فولادوند هرما، شارفت أيامه غروب العمر، فقبل ذلك قائلا، بقي القليل من عمري، وليس أفضل في هذا العمر الذي يتصرّم ساعة فساعة، من أن أبيعه بالسيادة والرئاسة لأولادي إلى يوم القيامة، ثم أسلم نفسه، وجعل صدره هدفا لذلك المزراق، وتناول شراب تلك الضربة بابتهاج، إلا أن الحق تعالى لم يكن مقدرا أجله آنذاك، ونعم المجنّ أجل مستأخر- فإن الخلائق عاجزون عن دفع الأجل المسمى، وهم أشد عجزا عن تقديمه- ولم يمت ثم عولج وعاش أعواما بعد ذلك، وسلمت لأبنائه السيادة والتقدّم على الديالمة.
وكان له ابنان اثنان: كياكي وفيروزان، والعقب من كياكي: ما كان، ومن فيروزان: نصر بن الحسن بن فيروزان، وكان مقدم الديالمة، ذكر في كتاب مزيد التاريخ «٢» أن نصر بن الحسن هذا قد وصل خراسان في ابتداء دولة المحموديين، وأقام في قصبة جشم، حيث كانت نفقاته ونفقات عسكره مؤمنة من القصبة، ثم إنه اتصل بهم عن طريق المصاهرة. وهؤلاء الأكابر من أبنائه من جانب الأم، وكان الفقيه الرئيس أبو عبد الله من أبنائه وأحفاده، ولهذا السبب كان ملوك ذلك الزمان يعرفون له السعي المشكور، ويذكرونه بالمحامد والتشريف.