قال الشيخ محمد بن عميرة «١» : حدثنا علي بن الحارث البياريّ، قال: حدثنا القاضي أبو سعيد الحسن بن عبد الله السّيرافيّ بإسناد صحيح أن أبا الأسود الدؤلي قد ذهب للحج، وزوجته معه، وكانت قد بلغت الغاية بجمالها، فصدغها سلسلة المسك، يضوع منه المسك التبّتيّ والعنبر الشحري، تحيي القلوب بدلالها، أودع سحر بابل في غمزة عينها، خطف القلوب عادتها، نرجسها المريض أمرض القلوب، وقوس حاجبها يسلم النفوس إلى الوسواس والجنون، كأن سوالفها مصيدة الليل للنهار أو ستارة من دخان على مصباح، وكأن فيها ألف نافجة مفعمة بالعنبر.
فلما وضعت هذه المخدرة رجلها في المسجد الحرام، غازلها عمر بن أبي ربيعة المخزومي الذي كان آية في الغزل حتى قيل فيه المثل: أغزل من أبن أبي ربيعة، فأخذت الحمية أبا الأسود وزجره، وأنشأ قائلا:
وإني ليثنيني عن الجهل والخنا ... وعن شتم أقوام خلائق أربع
حياء وإسلام وتقوى وإنني ... كريم ومثلي قد يضرّ وينفع
روى الشيخ محمد بن عميرة «٢» أيضا بإسناده عن القاضي الخالديّ المروزيّ [٢٠٣] أن