المصطفى صلوات الله عليه، كان في أحد الأيام بمجلس غاص بصدور الصحابة وصناديد العرب، وبينهم شمس النبوة وشارح وشارع الشريعة المصطفى صلوات الله عليه، الذي ارتفعت سماء الرسالة بهمته، وصار قاب قوسين من مراكب الشرف، فجاء أعرابي قد أطاع شيطان الشباب، يجر ذيل الرعونة- وهو في خمار خمر الجاهلية- على بساط التجربة، وطرح ضبّا بين يدي المصطفى عليه السلام قائلا: لن أعترف بنبوتك، حتى ينطق هذا الضب كالبلبل بالتوحيد ويقرّ لك بالرسالة، ويتلألأ نجم لفظه من أفق صوته، ويشرب شراب الإيمان في كأس الفرح، حيث إن هذا الحيوان الذي يسمع كلام الآدمي، ولم ير المحافل والمجامع، جرى على لوح وجوده هذا اليوم قلم التصرف الآدمي، وعلى سرير حظه استقرت مسألته، الذي لم تكن شمس حياته قد حملت على العمل، ولم يرض مركب ألفته وأنسه مع الناس، حتى ضربوا فيه المثل فقالوا: أعقّ من ضب «١» ، ولا يرد الضبّ الماء «٢» ، وأ تعلمني بضب أنا حرشته «٣» .