الألمعي إلى فضائل الشافعي «١» . وقد نفعنا ابن الصلاح في نقله من كتاب البيهقي هذا عدة أمور منها أن كتاب البيهقي كان ما يزال موجودا حتى العصر الذي عاش فيه ابن الصلاح، وثانيها أنه نص على كون البيهقي حنفي المذهب كما نقلنا عنه آنفا، ثالثها، لو اعتقد ابن الصلاح بكون البيهقي شافعيا لترجم له في كتابه هذا المخصص لطبقات الشافعية، وسيكون مدعاة لفخره أن يضمن كتابه ترجمة عالم جليل موهوب مثل البيهقي.
ومع ذلك فإن حاجي خليفة المتوفى سنة ١٠٦٧ هـ أضاف إلى اسم البيهقي نسبة «الشافعي» عند ذكره كتابه الانتصار «٢» ، وكذلك إسماعيل باشا البغدادي المتوفى سنة ١٣٣٩ هـ الذي دأب على إضافة نسبة الشافعي إلى آخر اسم البيهقي خلال ذكره مؤلفاته المبثوثة في إيضاح المكنون (راجع قسم «مؤلفاته» من مقدمتنا هذه) .
وكتاباه هذان دالان على اتخاذه موقفا وسطا بين المذهبين، فالرجل كان ذا عقلية منفتحة، وكانت الخلافات بين علماء وأتباع المذهبين الشافعي والحنفي قد بلغت على عهده حدا أن أدى الأمر إلى القتال العنيف. يقول مؤلف أخبار الدولة السلجوقية وهو يتحدث عن أواخر عهد السلطان سنجر (حكم من ٥١١- ٥٥٢ هـ) : «إن الفتنة لما وقعت بين الشافعية والحنفية، قتل بنيسابور من الحنفية، قتل بينسابور من الحنفية سبعون رجلا»«٣» ، ويقول العماد الأصفهاني وهو يتحدث عن تحزّب بعض حواشي الوزراء إلى هذا الفريق أو ذاك:
«وكانت الخدام الحبوش لهم الجيوش، والأسرة والعروش، منهم نجم الدين رشيد من مشايخهم وأكابرهم، وجمال الدين إقبال ... وأمثالهم وهم عصبة فيهم