عصبية على الشافعية، ويتقربون إلى الله بما يوصلون إليهم من الأذية، ونكبوا أصحاب الشافعي بأنواع البلاء في جميع البلاد، وخصوهم بالطرد والإبعاد، وحاولوا إخفاء مذهبه فتعالى ظهورا، وأرادوا إطفاء نوره فما زاده الله إلا نورا، قال: ونكبوا رؤساء المذهب في كل بلد، ولم يبقوا منهم على أحد، فمنهم أبو الفضائل ابن المشاط بالري ومنهم أبو الفتوح الإسفراييني ببغداد، ومنهم بنو الخجندي بأصفهان، ودخل في مذهب أبي حنيفة جماعة طلبا للجاه، وخوفا منهم لا من الله، ومن جملتهم القاضي عمدة الدين الساوي» «١» . وضمن حوادث سنة ٥٥٨ هـ من مجمل فصيحي، يقول الخوافي:«وفي هذه السنة وقعت الحرب في أصفهان بين القضاة بسبب التعصب المذهبي، واستمرت مشتعلة لسبعة أيام بين الجانبين وقتل خلالها كثير من الناس ودمرت البيوت»«٢» .
ويكفي أن نشير إلى عمق مأساوية هذا الصراع المذهبي فننقل ما ذكره الراوندي مؤرخ دولة آل سلجوق في راحة الصدور عن حال نيسابور بعد أن غادرها الغز الذين تحدثنا فيما مضى عن غزوهم وتدميرهم الفظيع الذي أحدثوه في المدينة:
«ولما غادر الغز المدينة وبسبب الأحقاد الدفينة لدى أهلها والتي مصدرها الخلافات المذهبية، كان الناس ينظّمون أنفسهم على شكل فرق يتجمع أفرادها كل ليلة في محلاتهم ثم ينطلقون إلى المحلة الأخرى ليشعلوا فيها النيران، بحيث تحول ما خلفه الغز من خراب فيها إلى أطلال دوارس على أيدي هؤلاء»«٣» .
ومن حوادث الصراع الطائفي ما حدث في مدينة بيهق نفسها مما هو مؤرخ في كتابنا تاريخ بيهق، كما في الصراع بين الكراميّة وأتباع بقية المذاهب من جهة، وبين