الحنفية والشافعية من جهة أخرى «١» . ومن ذلك ما حدث في عهد السلطان محمود الغزنوي عند ما بنى أحد المحسنين على نفقته أربع مدارس في مدينة بيهق: واحدة للحنفية وأخرى للشافعية وثالثة للكراميّة، وجعل الرابعة للسادة العلويّة والمعتزلة والزيديّة، وقد بعث صاحب البريد بهذا الخبر إلى محمود الغزنوي الذي بادر إلى إرسال من حمل باني تلك المدارس إلى غزنة حيث وبّخه محمود على فعلته تلك وقال له:
كان الأجدر بك أن تبني مدرسة لأتباع المذهب الذي تعتنقه فقط، فإذا بنيت مدرسة لمن هم على خلاف مذهبك وربّيتهم فيها فقد قصدت بذلك المراءاة وليس التقرّب إلى الله تعالى. ويضيف البيهقي قائلا: إن الشفعاء توسّطوا للرجل فتمكّن من النجاة «٢» .
نبذا منه لهذا التعصب المذهبي المدمّر، رأى البيهقي أن يؤلف كتابين أحدهما في أئمة المذهب الشافعي والآخر في مناقب الإمام أبي حنيفة.
ومما يعزز عدم كونه إماميا روايته لأحاديث لا ترد في كتب الإمامية مثل الحديث المنسوب للنبي (ص) : «اللهم إني بشر، فإذا دعوت على إنسان فأجعل دعائي له لا عليه، واهده إلى الصراط المستقيم «٣» » . وهو الحديث الذي يرد في عدد من المجاميع الحديثية «٤» من غير كتب الإمامية فهؤلاء يرونه متعارضا وقوله تعالى في وصف النبي: