للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقولهم: وقالوا: {وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعًا*أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيرًا*أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاء كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلآئِكَةِ قَبِيلا*أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاء وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَّقْرَؤُهُ} (الإسراء: ٩٠ - ٩٣)، ولذا قال لهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- كما جاء في الآية نفسها: {قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا} (الإسراء: ٩٣) وسألوه أن يُسيِّر لهم جبال مكة ويقطع لهم الأرض ليزرعوها، ويبعث إليهم من مضى من الآباء الموتى -أمثال قصي- ليسألوه عن صدق محمد -صلى الله عليه وسلم- فرد الله عليهم في قوله: {وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا} (الرعد: ٣١).

ولقد كان طلبهم على وجه العناد، لا على وجه طلب الهدى والرشاد. قال تعالى: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ} {وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ} (الأنعام: ١٠٩ - ١١١).

وقال سبحانه: {وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ} (الإسراء: ٥٩) وهكذا دأب كفار مكة على توجيه الأسئلة التعجيزية لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وطلبوا منه أن يحقق لهم أشياء ليست في مقدور البشر، من ذلك أنهم أرسلوا رسلهم إلى أهل الكتاب، يسألون عن مدى علمهم بصدق محمد -صلى الله عليه وسلم- وكيفية كشف مزاعمه.

يقول محمد بن إسحاق بسنده عن ابن عباس قال: "بعثت قريش النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط إلى أحبار اليهود بالمدينة، فقالوا لهم: سلوهم عن محمد وصفوا لهم صفته وأخبروهم بقوله، فإنهم أهل الكتاب الأول، وعندهم ما ليس عندنا من علم الأنبياء، فخرجا حتى أتيا المدينة، فسألوا الأحبار عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ووصفوا لهم أمره وبعض قوله، وقالا: إنكم أهل التوراة، وقد

<<  <   >  >>