للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأرسل إليهم النجاشي يسألهم عن قولهم في المسيح، ففزعوا، ولكن أجمعوا على الصدق كائنًا ما كان، فلمَّا دخلوا عليه وسألهم قال له جعفر: نقول فيه الذي جاءنا به نبينا -صلى الله عليه وسلم: هو عبد الله وروحه، وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول، فأخذ النجاشي عودًا من الأرض، ثم قال: والله ما عدا عيسى ابن مريم ما قلت هذا العود، فتناخرت بطارقته، فقال: وإن نخرتم والله! ثم قال للمسلمين: اذهبوا فأنتم شيومٌ بأرضي، والشيوم: الآمنون بلسان الحبشة، مَنْ سبكم غرم، من سبكم غرم، من سبكم غرم، ما أحب أن لي دبرًا من ذهب وأني آذيت رجلًا منكم، والدبر الجبل بلسان الحبشة.

ثم قال لحاشيته: ردوا إليهما هداياهما، فلا حاجة لي بها، فوالله ما أخذ الله منّا الرشوة حين ردَّ علي ملكي، فآخذ الرشوة فيه، وما أطاع الناس في فأطيعهم فيه، قالت أم سلمة -التي تروي هذه القصة: فخرجا من عنده مقبوحين، عليهما ما جاء به، وأقمنا عنده بخير دار مع خير جار.

ما يستفاد من الهجرة إلى الحبشة:

أولًا: يذكر الحديث سببًا للهجرة إلى الحبشة، وهو قول الرسول -صلى الله عليه وسلم: ((إن بأرض الحبشة ملكًا لا يظلم أحد عنده، فالحقوا ببلاده حتى يجعل الله لكم فرجًا ومخرجًا))، وهذا لا يعني أن هذا هو السبب الوحيد، والباعث الوحيد على الهجرة إلى الحبشة.

ونرى أن هناك سببًا آخر للهجرة، هو البحث عن محضنٍ آمن للدعوة الإسلامية، وإقليم للدولة الإسلامية، وقد ثبت أنَّ مكة لا تصلح أن تكون ذلك المحضن، ولا ذلك الإقليم لدولة الإسلام، وأن يقوم بدراسة الحبشة دراسة ميدانية،

<<  <   >  >>