طالب يخشى على الرسول -صلى الله عليه وسلم- من القتل، فكان يخفي مكان نومه كل ليلة، ويحرسه هو وأقرباؤه.
لقد مرِضَ أبو طالب في العام العاشر من البعثة، وشعر الرسول -صلى الله عليه وسلم- بدنوّ أجل أبي طالب، وحاول جاهدًا أن يدخل أبو طالب الإسلام، فدعاه إلى الإيمان بالله، وأن يشهد شهادة الحق وشهادة التوحيد؛ حتى يشفع له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند ربه بها، وألحّ عليه الرسول -صلى الله عليه وسلم- في مرض موته، فأبى استكبارًا وحمية جاهلية، خشية أن يعيّر بأنه ترك دين آبائه وأجداده، واتبع دين الحق والاستقامة والخير، ومات على الكفر، فكان حطبًا لنار جهنم، وكان في ضحضاح من النار.
بهذا جاءت الأخبار الصحيحة، فقد روى الإمام البخاري -رحمه الله- في صحيحه بإسناده، عن ابن المسيب، عن أبيه، أن أبا طالب لمَّا حضرته الوفاة، دخل عليه النبي -صلى الله عليه وسلم، وعنده أبو جهل، فقال:((أي عم، قل: لا إله إلا الله، كلمة أحاجّ لك بها عند الله)) فقال أبو جهل وعبد الله بن أمية: يا أبا طالب، ترغب عن ملة عبد المطلب، فلم يزالا يكلمانه حتى قال آخر شيء كلمهم به: على ملة عبد المطلب، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم:((لأستغفرنَّ لك ما لم أنه عنه))، فنزلت:{مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ}(التوبة: ١١٣)، ونزلت:{إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ}(القصص: ٥٦).
مما يجدر ذكره أنَّ أبا طالب ظلَّ يحامي ويدافع عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- حتى وفاته، ومع ذلك كله فقد علمت أنَّ الوحي أخبر بمصيره النار وبئس المصير، فقد روى البخاري -رحمه الله- في صحيحه، بإسناده إلى العباس بن عبد المطلب، أخي أبي طالب، أنه قال للرسول -صلى الله عليه وسلم:((ما أغنيت عن عمك، فوالله كان يحوطك ويغضب لك، قال: هو في ضحضاح من نار، ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار)).