وسطه، لا بُدّ أن يفوّت على مخابرات قريش ما تريد، فهم يراقبونه في وقت خروجه وتجواله، ويسكنون بسكونه، وتغفل أعينهم عن مراقبته، فاختار وقتًا لا يخرج فيه عادة، وقت الهاجرة، أي: شدة الحر؛ حيث تخف الحركة، يبقى كل واحد في بيته توقيًا لشدة الحر، دخل بيت الصديق -رضي الله عنه- في هذا الوقت، فوجد ابنتيه عائشة وأسماء -رضي الله عنهما-، فقال:((أخرج عني من عندك، فقال يا رسول الله، إنهم أهلك، فقال: إنّ الله قد أذن لي في الخروج والهجرة، فقال أبو بكر: الصحبة يا رسول الله، قال صلى الله عليه وسلم: الصحبة)).
والمدقق يجد أن غار ثور جنوب المدينة، وهذا تورية من الرسول -صلى الله عليه وسلم- على العدو؛ لأن الذي سيطارده سيتوجه فورًا إلى الشمال نحو المدينة، ولا يخطر بباله أن يتوجه إلى الجنوب حيث غار ثور؛ لأنه عكس طريق الهجرة تمامًا، إنه التخطيط النبوي العميق، والتنفيذ الدقيق.