الوضع قرَّر الرسول -صلى الله عليه وسلم- تصويب الوضع، وإقامة سوق إسلامية في التعامل، إسلامية في الإدارة، إسلامية في كل شيء، وقد أقامها بالفعل، فأقبل الناس على هذه السوق، وهجروا سوق يهود بني قينقاع.
وهكذا استطاع المسلمون أن يسيطروا على اقتصاد المدينة، ويتحكموا فيه، ويقهروا اليهود في أدق اختصاصاتهم.
رابعًا: تكوين القوة العسكرية المعاصرة:
إنَّ الإسلام قرّر إعلان الحرب على أعداء هذا الدين، قال تعالى:{وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ}(الأنفال: ٣٩)، ومن ثَمَّ فالصراع المسلّح قائم بين معسكر الإيمان ومعسكر الكفر، ومعسكر الكفر سيشحذ كل طاقاته وإمكاناته في هذا الصراع، فما على أهل الإيمان إلّا الاستعداد والإعداد والتخطيط.
ولقد اهتمَّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- من أول يوم ببناء جيش قوي، يكون حارسًا للدولة الإسلامية، وحاميًا للدعاة في الخارج، وكاسرًا لشوكة الأعداء المحاربين، وهذا يتطلب جيشًا معاصرًا، فقد استوعب كل قضايا عصره؛ من حيث التخطيط والتدريب والتسليح، ولهذا لم يكتفِ الرسول -صلى الله عليه وسلم- بما عند العرب من أسلحة، بل بعث نفرًا من المسلمين ليتعلّموا صناعة الدبابات إلى جرش في اليمن، وكانت اليمن يوم ذاك خاضعة لحكم الفرس، وكانت دولة الفرس متطورة في أسلحتها، وقد مهَر من ذَهَب إلى اليمن في صناعة الدبابات والمنجنيق، فصنعها المسلمون واستخدموها في حصار الطائف، كما تروي كتب السيرة.
إنَّ شراء الأسلحة لا يحلّ المشكلة؛ لأن الذي يبيع قد يمنع في وقت من الأوقات، إنّ ما أقدم عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- يشعرك بأهمية الاستقلال في هذا الدين، الاستقلال في كل شيء، ومن ذلك أن يُصنَع السلاح بأيد إسلامية متوضئة.