وقال:((إنّ الله قسَّم بينكم أخلاقكم كما قسَّم بينكم أرزاقكم، وإن الله -عز وجل- يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب، ولا يعطي الدين إلّا من يحب، فمن أعطاه الله الدين فقد أحبه، والذي نفسي بيده، لا يسلم عبد حتى يسلم قلبه ولسانه، ولا يؤمن حتى يأمن جاره بوائقه، قلت يا رسول الله: وما بوائقه؟ قال: غشمه وظلمه)) أخرجه أحمد عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- والغشم -بفتح فسكون- الظلم، فالعطف تفسير.
وقال:((ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويعرف شرف كبيرنا)) رواه أبو داود والترمذي، وقال: حسن صحيح، كما قال -صلى الله عليه وسلم:((من أحسن فيما بينه وبين الله كفاه الله ما بينه وبين الناس، ومن أصلح سريرته أصلح الله علانيته، ومن عمل لآخرته كفاه الله أمر دنياه)) أخرجه الحاكم عن ابن عمرو، وقال أنس -رضي الله عنه:((لقد خدمت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عشر سنين، فما قال لي قط: أف، ولا قال لشيء فعلته: لم فعلته، ولا لشيء لم أفعله: ألَا فعلت كذا)) متفق عليه.
هذا، إلى ما غرسه في نفوسهم من ملكة النظر والبحث والاستنباط؛ إذ لم يكن همّه على المعجزات، بل توجيه النفوس إلى النظر في آيات الله، في الأنفس والآفاق، فنشأ من ذلك:
١ - معرفة الخالق التي هي رأس المعارف والعلوم اليقينية.
٢ - تقوية غريزة حب النظام والجمال، وناهيك بجمال الطبيعة.
٣ - تربية ملكة تقدير الجمال والنظام، والبحث في الروابط والأسباب، وفي ذلك تربية الأفكار وتنمية العقول؛ لأن شأنها الميل إلى التعليل والاستنتاج، وناهيك بتربية العقول والأفكار، وما ينشأ عنها من الآثار الحسنة، ولهذا كان الصحابة ومَن بعدَهم من السلف الصالح، من الشخصيات اليقظة التي لا