بالإضافة إليه شر، وأما بالنسبة لفعل الله -جل وعلا- فالله -سبحانه وتعالى- أفعاله كلها خير؛ لأنها موافقة لحكمته العظيمة؛ ولهذا جاء في الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في ثنائه على ربه:((والشر ليس إليك)).
فالله -جل وعلا- ليس في فعله شر؛ فالشر بما يضاف للعبد أصيب العبد بمصيبة فهو شر بالنسبة إليه؛ أما بالنسبة لفعل الله فهو خير؛ لأنها موافقة لحكمة الله -جل وعلا- البالغة، والله -سبحانه وتعالى- له الأمر كله.
وعن عبادة بن الصامت أنه قال لابنه:"يا بني، إنك لن تجد طعم الإيمان حتى تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك". وهذا لأن القضاء والقدر قد فرغ منه، يعني: تقدير الأمور قد فرغ منه، والله -جل وعلا- قد قدر الأشياء وقدر أسبابها؛ فالسبب الذي سيفعله المختار من عباد الله مقدر؛ كما أن نتيجته مقدرة.
ومن الإيمان بالقدر الإيمان بأن الله -جل وعلا- جعلك مختارًا، وأنك لست مجبورًا؛ فالقول بالجبر منافٍ للقول بالقدر، يعني القول بالجبر لا يستقيم مع الإيمان بالقدر؛ لأن الإيمان بالقدر إيمان معه الإيمان؛ لأن العبد مختار وليس بمجبر؛ لأن التكليف وقع بذلك.
والجبرية طائفتان: طائفة غلاة وهم: الجهمية وغلاة الصوفية الذين يقولون: إن العبد كالريشة في مهب الريح وحركاته حركات اضطرارية، ومنهم طائفة ليست بالغلاة وهم الأشاعرة ونحوهم الذين يقولون بالجبر في الباطن وبالاختيار في الظاهر، ويقولون: إن العبد له كسب: وهذا الكسب هو أن يكون العبد في الفعل الذي فعله محلًّا لفعل الله؛ فيفعل به فيكون هو محلًّا للفعل، ويضاف الفعل إليه على وجه الكسب -على ما هو معروف في موضعه من التفاصيل في كتب العقيدة المطولة.