سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:((إن أول ما خلق الله القلم قال له: اكتب، قال: رب، وماذا أكتب؟ قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة))، هذا فيه دليل على مرتبة الكتابة، وقوله:((إن أول ما خلق الله القلم)) معناه -على الصحيح عند المحققين-: أنه حين خلق الله القلم؛ فأول هنا ظرف بمعنى: حين، وإن اسمها ضمير الشأن محذوف، إنه أول ما خلق الله القلم قال له: اكتب، يعني: حين خلق الله القلم قال له: اكتب، فيكون قول:((اكتب)) هذا من جهة الظرفية.
وأما أول المخلوقات؛ فالعرش سابق في الخلق على القلم؛ كما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي في الصحيح:((قدر الله مقادير الخلق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء)) فقوله: ((إن أول ما خلق الله القلم قال له: اكتب))، أنه حين خلق قال له: اكتب، والعرش كان قبل ذلك؛ فإذن الكتابة كانت بعد الخلق مباشرة، بعد خلق القلم؛ وأما العرش فكان سابقًا، والماء كان سابقًا أيضًا؛ ولهذا نقول: الصحيح أن العرش مخلوق قبل القلم، كما قال ابن القيم -رحمه الله- في النونية:
والناس مختلفون في القلم الذي ... كُتِب القضاء به من الديان
هل كان قبل العرش أم هو بعده ... قولان عند أبي العلا الهمذاني
والحق أن العرش قبل لأنه ... عند الكتابة كان ذا أركان
كيفية الإيمان بالقدر:
أقسام التقدير:
أ- التقدير العام لجميع الكائنات: وهو الذي كتب في اللوح المحفوظ قبل خلق السَّمَوَات والأرض بخمسين ألف سنة.