للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أولًا: الكِبْر:

الكبر خلق ذميم وآفة عظيمة متسقرة في النفس، وتظهر آثاره في الخارج بأشكال مختلفة ومواقف متعددة، ومن آثاره عدم رؤية الحق في غالب الأحيان، أو رؤيته ولكن الكبر يمنع من الاعتراف به والانقياد له، كما يمنع الاعتراف بالفضل لأولي الفضل، ويمنع الكبر من الرؤية الصحيحة لقدر نفسه، فيراها فوق أقدار الناس، فيستنكف أن يكون معهم أو تابعًا لأحد منهم، وقد يقترن الحسد مع الكبر، فيزيد من آثاره سوءًا وصدودًا عن الحق وجحدًا له، ومحاربة لأهله وعداوة لهم، ومن الآيات الدالة على صفة الكبر في الملأ، وما أدت إليه من نتائج غاية في السوء والقبح قوله تعالى: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} (النمل: ١٤) ففرعون وقومه أنكروا نبوة موسى -عليه السلام- مع أن نفوسهم أيقنت بها، وكان الحامل لهم على إنكارها ظلمهم وتكبرهم على موسى -عليه السلام.

كذلك ما بينه الله تعالى عن الملأ من قريش، وكيف أنهم وصفوا دعوة الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالكذب والاختلاق، قال تعالى مخبرًا عنهم: {مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ} (ص: ٧) وكيف أنهم وصفوه بالسحر والجنون -قبّحهم الله تعالى- قال تعالى مخبرًا عن الملأ من قوم نوح: {فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ} (هود: ٢٧) فالملأ من قوم نوح يقولون: ما نراك اتبعك إلّا أراذل القوم، وهم الفقراء والضعفاء وأصحاب الحرف الخسيسة، ولم يتبعك السادة والأشراف، ولا القادة والرؤساء، فيكيف نكون معهم ومثلهم في متابعتك.

<<  <   >  >>