موقف الملأ من قريش من دعوة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قاوموا هذه الدعوة المباركة، وآذوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورموه بالكذب وتآمروا به قال تعالى:{وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ* أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ* وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ* مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ}(ص: ٤ - ٧)، والملأ في الآية الكريمة هم سادة قريش وقادتها ورؤساؤها وكبراؤها، قالوا لقومهم: استمروا على دينكم ولا تستجيبوا لما يدعوكم إليه محمد -صلى الله عليه وسلم- من التوحيد.
وفي السيرة النبوية الشيء الكثير عن موقف الملأ من قريش وغيرهم من الدعوة إلى الله، التي بلغهم إياها الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم، من ذلك ما ذكره ابن هشام في سيرته من أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يخرج إلى القبائل ويدعوها إلى الله، وكان يمشي وراءه أبو لهب -وهو من أشراف قريش- ويقول للناس: لا تطيعوه ولا تسمعوا منه، وكذلك عندما خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى الطائف، واجتمع بنفر منهم -وهم يومئذ سادة ثقيف وأشرافها- ردوه أقبح رد، ولم يكتفوا بذلك، وإنما أغروا به سفهاءهم وعبيدهم يسبونه ويصيحون به حتى اجتمع عليه الناس.
أسباب عداوة الملأ للدعوة إلى الله:
من التأمل في الآيات المسوقة في قصص الأنبياء وما جرى لهم مع أقوامهم، تظهر لنا أسباب مخاصمة الملأ للرسل الكرام، وعداوتهم لهم، ورفضهم دعوتهم، ومن أهم هذه الأسباب: الكبر الذي تغلغل في نفوسهم، وحبهم الرياسة والجاه، والجهالات التي حسبوه أدلة ويقينيات، ونتكلم فيما يلي عن كل سبب مع ما ورد بشأنه من آيات وآثار.