للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شيء من المعصية لله، فهو الذي فيه شعبة أو أكثر من شعب النفاق، وأساس النفاق الكفر والجبن، أمّا الكفر فهو ما يبطنه المنافق، وأما الجبن فهو الذي يجعل المنافق يظهر خلاف ما يبطنه من الكفر، ولهذا لا يكون المنافق إلّا جبانًا خوّارًا، ضعيف القلب، يحسن الكيد والمواربة والعمل في الظلام، وإذا لقي المؤمنين أظهر لهم نفسه كأنه مؤمن، {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ} (البقرة: ١٤) فهم لجبنهم يقولون: إننا مؤمنون، وإذا خلوا إلى قرنائهم من المنافقين والكاذبين قالوا: نحن نستهزئ بالمؤمنين بقولنا لهم: إننا مؤمنون.

المبحث الرابع: العصاة:

تعريفهم: نريد بالعصاة كصنف من أصناف الناس: من كان عندهم أصل الإيمان، وهو الإقرار بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ولكنهم لا يقومون بحقوق هذه الشهادة، فهم يخالفون بعض أوامر الشرع، ويرتكبون بعض نواهيه، ومنهم المكثر من المعاصي، ومنهم المقلّ، ومنهم بين ذلك على درجات كثيرة جدًّا، ومتنوعة جدًّا، لا يحصيها إلّا الله تعالى، والمسلم غير معصوم من المعصية، جاء في الحديث: ((كل ابن آدم خطّاء، وخير الخطاءين التوابون)) وتعليل ذلك أنّ نفس الإنسان قابلة لارتكاب المعصية، كما هي قابلة لفعل الطاعة، والمطلوب من المسلم أن يحرص على طاعة الله وعدم معصيته، قال تعالى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} (الشمس: ٧ - ١٠) وإذا وقع في معصية فعليه أن يسارع إلى التوبة، ويقلع عن معصيته، وينيب إلى ربه.

<<  <   >  >>