أما ما عاداهم فهم أكثرية الناس في أي مجتمع بشري، وهؤلاء الجمهور يكونون عادة مرءوسين للملأ وتابعين لهم، وكما يكونون غالبًا فقراء وضعفاء، ويباشرون مختلف الأعمال والحرف، والجمهور أسرع من غيرهم إلى الاستجابة إلى الحق، فهم أتباع رسل الله، يصدقونهم ويؤمنون بهم قبل غيرهم، قال هرقل لأبي سفيان يوم اجتمع به في الشام، لما سمع هرقل بأنه من مكة، فأراد أن يسأل عن أخبار النبي -صلى الله عليه وسلم، قال هرقل: أشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم؟ فقال أبو سفيان: بل ضعفاؤهم، فقال هرقل: هم أتباع الرسل.
والواقع أن أتباع رسل الله كانوا من جمهور الناس، والملأ قالوا لنوح -عليه السلام:{وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا} وقول الملأ من ثمود كما حكاه الله -جل جلاله- عنهم:{قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ}(الأعراف: ٧٥) وكذلك كان أتباع نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- في مكة من الضعفاء، وقد نالهم من المشركين أذًى كثيرًا، قال ابن كثير: ثم الواقع غالبًا أن يتبع الحق ضعفاء الناس.
المبحث الثالث: المنافقون:
تعريف المنافق: المنافق في الاصطلاح الشرعي هو الذي يظهر غير ما يبطنه ويخفيه، فإن كان الذي يخفيه التكذيب بأصول الإيمان فهو المنافق الخالص، وحكمه في الآخرة حكم الكافر، وقد يزيد عليه في العذاب لخداعه المؤمنين بما يظهره لهم من الإسلام، قال تعالى:{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ}(النساء: ١٤٥) وإن كان الذي يخفيه غير الكفر بالله وكتابه ورسوله، وإنما هو