هذا؛ وقد كان لهذه العقيدة في نفوس أصحاب الرسول -صلى الله عليه وسلم- أجل الأمل؛ فقد انطلقوا في الأرض وهم يحملون عقيدة القدر كما علّمهم إياها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقد قال لابن عباس -رضي الله عنهما-: ((يا غلام، احفظ الله يحفظك؛ احفظ الله تجده تجاهك؛ إذا سألت فاسأل الله؛ وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك؛ وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف)).
هذه العقيدة سكبت في قلوبهم السكينة، وأفاضت على نفوسهم الطمأنينة، وربَّتهم على العزة؛ فارتاحت أعصابهم وهم منطلقون لتبليغ هذا الدين إلى البشرية، وقد استصغروا قوى الأرض جميعًا أمام إيمانهم بقدر الله.
سئل سلمان الفارسي: ما قول الناس حتى تؤمن بالقدر خيره وشره؟ فقال: حتى تؤمن بالقدر: تعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك وما أصابك لم يكن ليخطئك، ولم يكن هذا قول سلمان فحسب؛ وإنما كان قول أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جميعًا؛ فأية سعادة تضفيها على النفس هذه العقيدة! وأية شجاعة انطوت عليها قلوب آمنت أن الأمر بيد الله وأن البشر لا أمر لهم.
إن قوى الأرض جميعًا لا تقف أمام إنسان يحمل هذا المبدأ، ويكن بين جنباته هذا الإيمان، ومن هنا نجد التفسير الصحيح للأعمال التي حققها هذا الإيمان على يد العصبة المؤمنة التي انطلقت بهذا الدين، إنها الأعمال تشبه الخوارق ولكنها حقائق، إن تلك الإنجازات العظيمة التي حققها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصحبه الكرام، إن هي إلا ثمرة إيمانهم بالله واليوم الآخر، وقدر الله -عز وجل.
إن الإنسان الذي ينعم بعقيدة القدر ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وأن الأمة لو اجتمعت لم تضره إلا بشيء قد كتبه الله عليه، وأنه لم تمت نفسٌ حتى