للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فكان الحديث تفصيلًا لما أُجمل في القرآن، وتوضيحًا لما أبهم فيه، وبيانًا لمتشابهه، كما أن الأحكام التي وردت في الحديث النبوي -ولم يرد لها ذكر في القرآن- هي أحكام شرعية صحيحة ثابتة، يلزم العمل بها، كما يلزم العمل بما جاء في القرآن، فالسنة هي المصدر الثاني للشريعة الإسلامية، وقد يحاول بعض الجهلة أو بعض الضالين المضلين، أن يشكك في حكم من الأحكام، بحجة أنه لم يرد في القرآن الكريم، وربما فعل بعضهم ذلك تظرفًا أو تهربًا من عقوبة، كما روي أن شاعرًا أندلسيًّا سكر، فأُخذ إلى القاضي ليقيم عليه حد الشرب، فلما مثل بين يدي القاضي أنشد أبياتًا جاء فيها:

قرأت كتاب الله تسعين مرة ... فلم أرَ فيه للشراب حدودًا

وهي مغالطة واضحة، كأن كل حكم لم يرد في القرآن لا يصح العمل به، ولو أخذنا بقول هذا الشاعر ومن يضلون ضلاله من سكارى عصرنا، سكارى الشراب، سكارى الجهل، وسكارى الانحراف، لأهملنا كثيرًا من تعاليم الإسلام، فعدد الصلوات ليس في القرآن، وكثير من أحكام الصوم ليس في القرآن، وكذلك أفعال الحج وغيرها من العبادات والمعاملات، ليس في القرآن، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) وقال: ((خذوا عني مناسككم)).

وقد ابتلي بعض العلماء قديمًا بمن طلب منه أن يدله على مأخذ حكم شرعي، وكان من الأحكام التي جاءت في السنة، فذكر العالم الحديث النبوي الذي تضمن هذا الحكم المسئول عنه، فقال السائل: هل ورد هذا الحكم في القرآن؟ فقال العالم: نعم. قال السائل: في أيِّ آية؟ قال العالم: في قوله

<<  <   >  >>