الثاني: أن يفارق الثياب المخيطة، ويلبس ثوبي الإحرام، فيرتدي ويتزر بثوبين أبيضين، فالأبيض هو أحب الثياب إلى الله -عز وجل- ويتطيب في ثيابه وبدنه، ولا بأس بطيب يبقى أثره بعد الإحرام، فقد رؤي بعض المسك على مفرق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد الإحرام مما كان استعمله قبل الإحرام.
الثالث: أن يصبر بعد لبس الثياب حتى تنبعث به راحلته إن كان راكبًا، أو يبدأ بالسير إن كان راجلًا، فعند ذلك ينوي الإحرام بالحج أو بالعمرة قرانًا أو إفرادًا كما أراد.
الرابع: إذا انعقد إحرامه بالتلبية المذكورة، فيستحب أن يقول: اللهم إني أريد الحج فيسره لي، وأعني على أداء فرضه، وتقبله مني، اللهم إني نويت أداء فريضتك في الحج، فاجعلني من الذين استجابوا لك، وآمنوا بوعدك، واتبعوا أمرك، واجعلني من وفدك الذين رضيت عنهم وارتضيت وقبلت منهم، اللهم فيسر لي أداء ما نويت من الحج، اللهم قد أحرم لك لحمي وشعري ودمي وعصبي ومخي وعظامي، وحرمتُ على نفسي النساء والطيب ولبس المخيط ابتغاء وجهك والدار الآخرة، ومن وقت الإحرام حرم عليه المحذورات الستة التي ذكرناها من قبل فليتجنبها.
الخامس: يستحب تجديد التلبية في دوام الإحرام، خصوصًا عند اصطدام الرفاق، وعند اجتماع الناس، وعند كل صعود وهبوط، عند كل ركوب ونزول، رافعًا بها صوته، فإنه لا ينادي أصم ولا غائبًا كما ورد في الخبر، ولا بأس برفع الصوت بالتلبية في المساجد الثلاثة؛ فإنها مظنة المناسك، أعني: المسجد الحرام ومسجد الخِيف ومسجد الميقات، وأما سائر المساجد فلا بأس فيها بالتلبية من غير رفع صوت، وكان -صلى الله عليه وسلم- إذا أعجبه شيء قال:((لبيك إن العيش عيش الآخرة)).