للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الهداية والإضلال:

وقد يقال أيضًا: لقد جاء في القرآن الكريم: {يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} (النحل: ٩٣) أي أن الله يضل من يشاء إضلاله ويهدي من يشاء هدايته، وإذا كان الله يضل ويهدي فليس للعبد حرية الاختيار!.

والواقع أن الهداية والإضلال نتائج لمقدمات ومسببات لأسباب؛ فكما أن الطعام يغذي والماء يروي والسكين تقطع والنار تحرق؛ فكذلك هناك أسباب توصل إلى الهداية وأسباب توصل إلى الضلال، فالهداية إنما هي ثمار عمل صالح؛ والضلال إنما هو نتائج عمل قبيح.

فإسناد الهداية والإضلال إلى الله من حيث إنه وضع نظام الأسباب والمسببات لا أنه أجبر الإنسان على الضلال أو الهداية.

وحينما نرجع إلى الآيات القرآنية نجد هذا المعنى بينًا وواضحًا لا لبس فيه ولا غموض؛ فالله يقول: {وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَاب} (الرعد: ٢٧)، ويقول سبحانه: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} (العنكبوت: ٦٩) ويقول: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ} (محمد: ١٧) فهداية الله للناس بمعنى: لطفه بهم، وتوفيقهم للعمل الصالح إنما هي ثمرة جهاد للنفس وإنابة إلى الله واستمساك بإرشاده ووحيه.

ويقول القرآن الكريم في الإضلال: {يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ * الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} (البقرة: ٢٦، ٢٧)، وقال -عز وجل-: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} (إبراهيم: ٢٧) كما قال -عز وجل-:

<<  <   >  >>