وليكثر من التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل، وأفضل ذلك ما رواه الترمذي وغيره عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:((أفضل الدعاء يوم عرفة، وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير)). وفي كتاب الترمذي عن علي -رضي الله عنه- قال:((أكثر ما دعا به النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم عرفة في الموقف: اللهم لك الحمد كالذي تقول وخيرًا مما نقول، اللهم لك صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي، وإليك مآبي ولك ربي تراثي، اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، ووسوسة الصدر وشتات الأمر، اللهم إني أعوذ بك من شر ما تجيء به الريح)).
ويستحب أن يكثر من التلبية رافعًا بها صوته، ومن الصلاة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم، وينبغي أن يأتي بهذه الأنواع كلها، فتارة يدعو وتارة يهلل وتارة يكبر وتارة يلبي، وتارة يصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم، وتارة يستغفر ويدعو منفردًا ومع جماعة، وليدع لنفسه ووالديه وأقاربه وشيوخه وأصحابه وأحبابه وأصدقائه، وسائر من أحسن إليه وسائر المسلمين، وليحذر كل الحذر من التقصير في ذلك، فإن هذا اليوم لا يمكن تداركه بخلاف غيره، ويستحب الإكثار من الاستغفار والتلفظ بالتوبة من جميع المخالفات، مع الاعتقاد بالقلب، وأن يكثر من البكاء مع الذكر والدعاء، فهناك تسكب العبرات وتستقال العثرات وترتجى الطلبات، وإنه لمجمع عظيم وموقف جسيم، يجتمع فيه خيار عباد الله المخلصين وخواصه المقربين، وهو أعظم مجامع الدنيا.
وقيل: إذا وافق يوم عرفة يوم جمعة غُفر لكل أهل الموقف، وثبت في صحيح مسلم عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:((ما من يوم أكثر من أن يعتق الله تعالى فيه عبدًا من النار من يوم عرفة، وإنه يباهي بهم الملائكة يقول: ما أراد هؤلاء؟)).