عن إحياء الموتى، وبعثهم في يوم الساعة الآتية بلا ريب، وتتحدث عن ضرورة الحساب على الأعمال.
ومن أجل الوصول بالعقل إلى اقتناع كامل بالشيء، الذي هو محل الجدل، رأينا الجدل يأتي بالأمر المتناقش فيه، ويحلله إلى منتهى أقسامه ويرد كل قسم على حدة، لينتهي أخيرًا إلى الرأي الحق، وذلك كقوله تعالى:{وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ}(غافر: ٢٨) فترى هذه الآية تقسم الرأي في موسى عقليًّا؛ لأنه إما أن يكون كاذبًا وأما أن يكون صادقًا، فإن كان كاذبًا فكذبه عليه لا يتعداه، وإن كان صادقًا فاتباعه نفع وفوز ونجاة، والتقسيم يؤدي في النهاية إلى عدم التعرض لموسى -عليه السلام، وعدم محاولة قتله.
وقد رد الله في هذه الآيات على اليهود تحريمهم لذكور الأزواج المذكورة تارة، وتحريمهم لإناثها تارة ثانية، وتحريمهم لما في أرحام الإناث حسب ما اتفق تارة ثالثة، فجادلهم الله في رده بطريق السَّبر والتقسيم، فبيّن أنه خلق من كل زوج مما ذكر ذكرًا وأنثى، وسألهم عن سبب التحريم وعلته؛ لأن العلة إما أن تكون