بسبب الذكورة أو بسبب الأنوثة، أو بسبب الذكورة والأنوثة معًا، أو بسبب خارج عن حدود مصدر الشيء المحرم، كأن ينزل بها وحي من الله، وتلك هي أسباب التحريم كلها، ولا يُعقل سبب سواها.
ويترتب على هذه الأسباب أن يحرم الذكورة والأنوثة معًا، أو يحرم ما فصله الوحي إن كان هو السبب، لكن السبب المشاهد أن اليهود يحرمون على هواهم، فيحرمون هذا تارة وذاك تارة أخرى، ويحلون الشيء بعد تحريمه، وقد حصر الله علة التحريم الممكنة، وسألهم عن تحديدها إن وُجدت، وبذلك أبطل فعلهم، وأثبت أن ما قالوه ضلال وكذب، وهكذا بالسبر والتقسيم ينزاح الشك، وتستريح النفس، ويتيقن العقل المجرد والفهم السليم.
٢ - مراعاة الطبائع النفسية:
يعتز الإنسان برأيه وبفكرته وإن كانت خاطئة، والمعاندون أكثر الناس تشددًا في هذا المجال، والجدل يراعي هذه الناحية في مناقشاته، حيث نرى في في طرق الجدل ما عُرف بطريقة مجاراة الخصم، ومجمل هذه الطريقة أن يسلم المجادل ببعض مقدمات الخصم؛ للإشارة إلى أن هذه المقدمات لا تنتج ما يريد أن يستنتجه، وإنما هي بعيدة عنه.
ومن أمثلة هذه الطريقة قوله تعالى:{قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ * قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ}(إبراهيم: ١٠، ١١) فدعوى الخصم أن الرسل بشر، والبشر لا يستطيعون أن يتلقوا وحي الله، وهم بدعوى الرسالة يريدون صد أقوامهم عن عبادة الآباء والأسلاف.