للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذه البيئة تكسب الطفل الجرأة والشجاعة؛ فهو يعيش في بادية تكثر فيها الوحوش المفترسة وهوام الأرض الكثيرة، ويرى منذ صغره كيف يتصدى لها الرجال ويقضون عليها؛ فيتجرأ على مقاومتها والتصدي لها وعدم الخوف منها، وقد تكون حديث المجالس للرجال والصبيان؛ فيبعث كل ذلك في قلبه الجرأة والشجاعة.

وهذه البيئة القاسية تؤدي إلى تعاون الناس؛ لأن كل واحد منهم يحتاج إلى الآخر؛ فتصبح الحاجة ملحة للتعاون والتكافل والتضامن للتغلب على أعباء الحياة وقساوتها، والحياة في البادية ينشأ فيها الطفل الرضيع مستقلًّا في حياته عن أبيه وأمه وعن أقربائه وعشيرته؛ فتنسّم جو الحرية؛ فيصفو ذهنه وينشأ مستقلًّا في التفكير.

شق صدره -صلى الله عليه وسلم-:

إن إرهاصات النبوة التيء تواكبت مع مولد النبي -صلى الله عليه وسلم- كثيرة، والتي منها شق صدره وهو عند أمه من الرضاعة حليمة بعد أن عاد معها مرة ثانية؛ فقد روى مسلم عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-: "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أتاه جبريل وهو يلعب مع الغلمان؛ فأخذه فصرعه فشق عن قلبه، فاستخرج القلب واستخرج منه علقة سوداء، فقال: هذا حظ الشيطان. ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم، ثم لأمه ثم أعاده في مكانه، وجاء الغلمان يسعون إلى أمه فقالوا: إن محمدًا قد قتل؛ فاستقبلوه وهو ممتقع اللون، قال أنس: وقد كنت أرى ذلك المخيط في صدره -صلى الله عليه وسلم".

وروى ابن إسحاق عن نفر من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قالوا له: يا رسول الله، أخبرنا عن نفسك قال: ((نعم: أنا دعوة أبي إبراهيم، وبشرى أخي عيسى، ورأت أمي حين حملت بي أنه خرج منها نور أضاء لها قصور الشام،

<<  <   >  >>