والثاني: إيجاد ما قدّر الله إيجاده على النحو الذي سبق علمه وجرى به قلمه؛ فيأتي الواقع المشهود مطابقًا للعلم السابق المكتوب، والقدر يطلق ويراد به التقدير السابق لما في علم الله، ويطلق ويراد ما خلقه وأوجده على النحو الذي علمه.
وسئل الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى- عن القدر؟ فأجاب شعرًا قائلًا:
فما شئتَ كان وإن لم أشأْ ... وما شئتُ إن لم تشأْ لم يكن
خلقتَ العباد على ما علمت ... ففي العلم يجري الفتى والمسن
على ذا مننت وهذا خذلت ... وهذا أعنت وهذا لم تُعِن
فمنهم شقي ومنهم سعيد ... ومنهم قبيح ومنهم حسن
التعريف بالقضاء:
القضاء: الفصل والحكم، وقد تقرر في أحاديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- ذكر القضاء، وأصله القطع والفصل؛ يقال: قضى يقضي قضاء فهو قاضٍ إذا حكم وفصل، وقضاء الشيء: إحكامه وإمضاؤه والفراغ منه؛ فيكون بمعنى الخلق، وقال الزهري: القضاء في اللغة على وجوه مرجعها إلى انقضاء الشيء وتمامه، وكل ما أُحكم عمله أو أُتم أو أُدي أو أُوجب أو عُلم أو نُفّذ أو أُمضي فقد قضي، وقد جاءت هذه الوجوه كلها في الأحاديث.
وللعلماء في التفرقة بين القضاء والقدر قولان:
الأول: القضاء هو العلم السابق الذي حكم الله به في الأزل، والقدر: وقوع الخلق على وزن الأمر المقضى السابق.