يقول ابن حجر العسقلاني -رحمه الله تعالى-: قال العلماء: القضاء هو الحكم الكلي الإجمالي في الأزل، والقدر جزئيات ذلك الحكم وتفاصيله.
وقال في موضع آخر: القضاء: الحكم بالكليات على سبيل الإجمال في الأزل، والقدر: الحكم بوقوع الجزئيات التي لتلك الكليات على سبيل التفصيل.
الثاني: عكس القول السابق؛ فالقدر: هو الحكم السابق، والقضاء: هو الخلق؛ قال ابن بطال: القضاء هو المقضي، ومراده بالمقضي: المخلوق، وهذا هو قول الخطابي؛ فقد قال في (معالم السنن): القدر اسم لما صار مقدرًا عن فعل القادر؛ كالهدم والنشر والقبض، أسماء لما صدر من فعل الهادم والناشر والقابض، والقضاء -في هذا-: معناه الخلق؛ كقوله تعالى:{فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ}(فصلت: ١٢) أي خلقهن.
وبناء على هذا القول يكون القضاء من الله تعالى أخص من القدر؛ لأنه الفصل بين التقديرين؛ فالقدر هو التقدير، والقضاء هو الفصل والقطع.
ويدل لصحة هذا القول نصوص كثيرة من كتاب الله، قال تعالى:{وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا}(مريم: ٢١) وقال: {كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا}(مريم: ٧١)، وقال:{وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}(البقرة: ١١٧) فالقضاء والقدر -بناء على هذا القول- أمران متلازمان، لا ينفك أحدهما عن الآخر؛ لأن أحدهما بمنزلة الأساس -وهو القدر-، والآخر بمنزلة البناء -وهو القضاء- فمن رام الفصل بينهما فقد رام هدم البناء.
معنى الإيمان بالقدر:
ويجب على كل مسلم أن يؤمن بالقدر خيره وشره حلوه ومره، ويقصد بالإيمان بالقدر: الإيمان بعلم الله القديم، والإيمان بمشيئة الله النافذة وقدرته الشاملة، وفي