وقد ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد أن علم كونه أكرم الخلق على الله- أنه رعى الغنم دليل على عظم تواضعه، واعترافه بفضل ما مَنَّ الله عليه به.
٦ - الشجاعة:
الراعي يعمل على حماية غنمه من الذئاب واللصوص وغيرها، وهو لذلك يحتاج إلى شجاعة تعينه على هذه الحماية ليلًا ونهارًا، والأنبياء وهم يقومون بالدعوة يتصدى لهم الأعداء من شياطين الإنس والجن، وهم محتاجون للشجاعة والجرأة حتى يمكنهم القيام بواجب الدعوة.
٧ - التأمل والتفكير:
وراعي الغنم الذكي القلب يجد في فسحة الجو الطلق أثناء النهار، وفي تلألؤ النجوم إذا جن الليل -موضعًا لتفكيره وتأمله، يسبح منه في هذه العوالم، يبتغي أن يرى ما وراءها، ويلتمس في مختلف مظاهر الطبيعة تفسيرًا لهذا الكون وخلقه، هذه الأفلاك والعوالم التي يراها في فسحة الكون أمامه متصلًا بعضها ببعض في نظام محكم {لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ}(يس: ٤٠) وإذا كان نظام هذا القطيع من الغنم أمام محمد -صلى الله عليه وسلم- يقتضي انتباهه ويقظته حتى لا يعدو الذئب على شاة منها، وحتى لا تصل إحداها في مهامة البادية، فأي انتباه وأية يقظة تحافظ على نظام العالم كله مع إحكامه الموجود.
إن رعي الغنم مدرسة تحتاج إلى قوة البدن وقوة العزيمة والهدوء والأناة، مع الصدق والإخلاص وقصد الاستفادة والتعليم".