للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهكذا انتهت هذه المشكلة التي كثيرًا ما يكون أمثالها سببًا في انتشار حروب هائلة بين العرب، لولا أن يمنَّ الله عليهم بعاقل مثل أبي أمية، ويرشدهم إلى الخير، وحكيم مثل الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقضي بينهم بما يُرضي جميعهم، ولا غرابة أن يشارك النبي -صلى الله عليه وسلم- قومه ذلك العمل الجليل، وأن يُعرف بينهم بالصادق الأمين، فقد نشأ والله -سبحانه وتعالى- يكلؤه ويحفظه ويحوطه من أقذار الجاهلية وأنجاسها؛ لما يريده له من كرامته ورسالته، فما إن أصبح رجلًا حتى أضحى أفضل قومه مروءة، وأحسنهم خلقًا، وأكرمهم حسبًا، وأحسنهم جوارًا، وأعظمهم حلمًا، وأصدقهم حديثًا، وأشهرهم أمانة، وأبعدهم عن الفحش والأخلاق التي تدنس الرجال تنزهًا وتكرمًا، حتى لقبه قومه بالأمين؛ لما جمع الله فيه من الخصال الصالحة.

د- ما يستفاد من قصة الحجر الأسود:

أولًا: الكعبة مكان مقدس عند العرب، وبناؤها وعمارتها شرف يُتنافس عليه في مكة.

ثانيًا: طريقة فض التنازع كانت موفقة ورضي بها الجميع، ويكفي أنها حققت كثيرًا، ويكفي أنها حقنت كثيرًا من الدماء، وأوقفت حروبًا طاحنة ستقوم في الحرم وبين أهل الحرم، ومن ثم فقدان الأمن والأمان فيه للناس أجمعين، وقد عاث أهله فسادًا فيما بينهم، فقتل بعضهم بعضًا وسفك بعضهم دماء بعض، ولو حدث هذا لنفرت الناس من الحرم ومن أهله، ولكن قضت حكمة الله أن يكون هذا الحرم آمنًا، هو ومن يقيم فيه وحوله، ومن يقصده؛ حتى يستمر الناس في تعظيمه، بل إن حرمة سفك دم بريء فيه أشد من حرمته.

<<  <   >  >>