للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثالثًا: الأمانة صفة محمودة، وصفة عُرف بها نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- بين المشركين، فأحبوه لذلك ووثقوا به، وفرحوا بدخوله من باب الصفا، لاتفاقهم على تحكيم أول من يدخل هذا الباب، فلما دخل قالوا: هذا الأمين رضينا به، هذا محمد -صلى الله عليه وسلم.

لقد تعارف هؤلاء على صدقه وأمانته، ولكنهم عندما بعثه الله رسولًا كذبوه واتهموه تهمًا باطلة، فقالوا عنه: كذاب ومجنون وساحر وشاعر وكاهن، وهم يعلمون حق العلم أنه العاقل الأمين الصادق، وصدق الله العظيم إذ يقول: {فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} (الأنعام: ٣٣).

رابعًا: طريقة الحل كانت عادلة، لقد ألهمه تبارك وتعالى حكمًا رضيت به جميع القبائل؛ لأنه كان حكمًا عادلًا ساوى فيه بين جميع رؤساء القبائل المتنافسة، حتى رفعوه إلى موضع البناء، لقد أسهم هؤلاء المتنافسون بهذا الشرف، ولم تنفرد به قبيلة دون الأخرى، وهذا من توفيق الله لرسوله وتسديده قبل بعثته -صلى الله عليه وسلم-.

خامسًا: لقد حصل لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- في هذه الحادثة شرفان: شرف فصل الخصومة، ووقف شلال الدماء الذي يتدفق، والله أعلم بزمان توقفه إن حصل، وشرف آخر مهم أيضًا، وهذا الشرف الذي تنافسوا عليه قام به هو، إذ حمل الحجر بيديه الشريفتين، وأخذه من البساط بعد رفعه، ووضعه في مكانه من البيت، وهذا يدل على أنه أحق الناس بهذا البيت وتعظيمه، والمحافظة على أمنه. قال تعالى: {إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} (الأنفال: ٣٤).

<<  <   >  >>