للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والجمع بين الأقوال كلها: أن خديجة أول من أسلم من النساء، وظاهر السياقات، وقيل الرجال أيضًا، وأول من أسلم من الموالي زيد بن حارثة، وأول من أسلم من الغلمان علي بن أبي طالب، فإنه كان صغيرًا دون البلوغ على المشهور، وهؤلاء كانوا إذ ذاك أهل البيت، وأول من أسلم من الرجال الأحرار أبو بكر الصديق، وإسلامه كان أنفع من إسلام من تقدم ذكرهم؛ إذ كان صدرًا معظمًا ورئيسًا في قريش مكرّمًا، وصاحب مال وداعية إلى الإسلام، وكان محببًا متألفًا يبذل المال في طاعة الله ورسوله.

قال يونس عن ابن إسحاق: ((ثم إن أبا بكر الصديق لقي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: أحقٌّ ما تقول قريش يا محمد، مِن تركك آلهتنا وتسفيهك عقولنا وتكفيرك آبائنا؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: بلى، إني رسول الله ونبيه، بعثني لأبلغ رسالته وأدعوك إلى الله بالحق، فوالله إنه للحق، أدعوك يا أبا بكر إلى الله وحده لا شريك له ولا تعبد غيره، والموالاة على طاعته، وقرأ عليه القرآن فلم يُقر، ولم ينكر، فأسلم وكفر بالأصنام وخلع الأنداد، وأقر بحق الإسلام، ورجع أبو بكر وهو مؤمن مصدِّق)).

قال ابن إسحاق: حدثني محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن الحصين التميمي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما دعوتُ أحدًا إلى الإسلام إلا كانت عنده كبوة وتردد ونظر إلا أبا بكر)) ".

ما يستفاد من الدعوة السرية:

١ - إن بدأ الدعوة النبوية بالسرية فيه حكمة جليلة ومصلحة عامة، تهم الدعوة في ذلك:

لأن بداية الدعوة لا يكون لها أنصار، والناس أعداء لكل جديد وإن كان خيرًا، وأعداء لما يجهلون، فإذا بدأ الرسول بإعلان دعوته قبل أن يؤمن بها أحد،

<<  <   >  >>