للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وخلاصة القول: إن الدعوة الإسلامية في مكة كانت في هذه المرحلة سرية، وكانت فكرة الدعوة ورسالة الدعاة مجهولة تمامًا عند الناس، وعند التنظيمات الأخرى، وعند أصحاب الجاه والسلطان، وعلى هذا، كانت الجماعة الإسلامية والدعوة الإسلامية تعيش في أمن وأمان، لا تصطدم مع غيرها، ولم تتعرض لمضايقة أحد من الزعماء وأصحاب النفوذ؛ لأنهم لم يشعروا بها ولم يعرفوا أهدافها ومراميها.

الجهر بالدعوة:

أول أمر بإظهار الدعوة لما تكونت جماعة من المؤمنين، تقوم على الأخوة والتعاون، وتحمل عبء تبليغ الرسالة، نزل الوحي يكلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمعالنة الدعوة ومجابهة الباطل بالحسنى، وأول ما نزل بهذا الصدد قوله تعالى: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِين} (الشعراء: ٢١٤) وقد ورد في سياق ذكرت فيه أولًا قصة موسى -عليه السلام- من بداية نبوته، إلى هجرته مع بني إسرائيل، وقصص نجاتهم من فرعون وقومه، وإغراق آل فرعون معه.

وقد اشتملت هذه القصة على جميع المراحل، التي مر بها موسى -عليه السلام- خلال دعوة فرعون وقومه إلى الله، وكأن هذا التفصيل جيء به مع أمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- بجهر الدعوة إلى الله؛ ليكون أمامه وأمام أصحابه مثال لما يلقونه من التكذيب والاضطهاد، حينما يجهرون بالدعوة، وليكونوا على بصيرة من أمرهم منذ البداية.

ومن ناحية أخرى: تشتمل هذه السورة على ذكر مآل المكذبين للرسل، مِن قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وقوم لوط وأصحاب الأيكة، عدا ما ذُكر من أمر فرعون وقومه؛ ليعلم الذين سيقومون بالتكذيب عاقبة أمرهم، وما سيلقونه من مؤاخذة الله إن استمروا عليها، وليعرف المؤمنون أن حسن العاقبة لهم وليس للمكذبين.

<<  <   >  >>