(١) أي البخاري ومسلم. (٢) اختلفوا في الحديث الصحيح: هل يوجب العلم اليقيني أو الظن؟ وهي مسألة دقيقة تحتاج إلى تحقيق، وقد تكلم أحمد شاكر رحمه الله على هذه المسألة في الباعث الحثيث. كلامًا جيدًا مفيدًا فأنقله هنا برمته: فأما الحديث المتواتر لفظًا أو معنى فإنه قطعي الثبوت، لا خلاف في هذا بين أهل العلم. وأما غيره من الصحيح، فذهب بعضهم إلى أنه لا يفيد القطع، بل هو ظني الثبوت، وهو الذي رجحه النووي في التقريب. وذهب غيرهم إلى أنه يفيد العلم اليقيني. وهو مذهب داود الظاهري، والحسين بن علي الكرابيسي والحارث بن أسد المحاسبي وحكاه ابن خويز منداد عن مالك. وهو الذي اختاره، وذهب إليه ابن حزم، قال في الأحكام: أن خبر الواحد العدل عن مثله إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوجب العلم والعمل معًا. ثم أطال في الاحتجاج له والرد على مخالفيه في بحث نفيس (ج ١ ص ١١٩، ١٣٧). واختار ابن الصلاح: أن ما أخرجه الشيخان في صحيحهما أو رواه أحدهما: مقطوع بصحته، والعلم اليقيني النظري واقع به. واستثنى من ذلك أحاديث قليلة تكلم عليها بعض أهل النقد من الحفاظ، كالدارقطني وغيره وهي معروفة عند أهل هذا الشأن. هكذا قال في كتابه "علوم الحديث" ونقل مثله العراقي في شرحه على ابن الصلاح عن الحافظ أبي الفضل محمد بن طاهر المقدسي وأبي نصر عبد الرحيم بن عبد الخالق بن يوسف، ونقله البلقيني عن أبي إسحاق وأبي حامد الإِسفرائينيين، والقاضي أبي الطيب والشيخ أبي إسحاق الشيرازي من الشافعية وعن السرخسي من الحنفية، وعن القاضي عبد الوهاب من المالكية، وعن أبي يعلي وأبي الخطاب وابن الزاغوني من الحنابلة، وعن أكثر أهل العلم من الأشعرية، وعن أهل الحديث قاطبة، وهو الذي اختاره الحافظ ابن حجر وابن كثير. =