وصف شامل لكتاب الإِرشاد ومنهج المؤلف فيه ومقارنة بين كتابيه:"الإِرشاد" و"التقريب"
ابتدأ النووي رحمه الله في التأليف وهو ابن ثلاثين سنة تقريبًا، وهي سن النضوج وخاصة لعالم مثل النووي الذي انصرف منذ نعومة أظفاره إلى العلم وحفظ القرآن الكريم، وقد حظى بالرعاية والعناية المبكرة، وما أدري إن كان كتاب الإِرشاد من الكتب التي عمل فيها بعد هذه السن أو هو باكورة أعماله أو هو من أعماله أيام طلبه،
والذي جعلني أذهب هذا المذهب هو عودته إلى الإِرشاد مرة ثانية لاختصاره في التقريب، ولو كان العمل في الإِرشاد متأخرًا لأعاد النظر فيه ولما احتاج إلى التقريب، وإن كان التقريب بذل فيه من الجهد فاختصر فيه الإِرشاد، وأصّله من عبارته، وتصرف فيه في بعض الأماكن ووافق الإِرشاد في بعض آخر، لكن في الإِرشاد التزم عبارة ابن الصلاح، ولم يخرج عنها في الغالب، فقد قال موضحًا منهجه في مقدمته:
"هذا كتاب أختصر فيه إن شاء الله الكريم الرؤوف الرحيم، معرفة علوم الحديث للشيخ الإِمام الحافظ الضابط البارع المتقن المحقق، بقية العلماء المحققين، والصلحاء العارفين، ذي التصانيف الحميدة والمؤلفات المفيدة، أبي عمرو عثمان بن عبد الرحمن الشافعي المعروف بابن الصلاح رضي الله عنه وأرضاه وأكرم نزله ومثواه وجمع بيننا وبينه في دار كرامته مع من اصطفاه. فإن كتابه رحمه الله وإن كان بليغًا في الاختصار، فقد ضعفت عن حفظه همم أهل هذه الأعصار والهمم مترقية في الكسل والفتور، فصار