للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن علم أصول الحديث وقواعد اصطلاح أهله لا بد منه للمشتغل برواية الحديث إذ بقواعده يتميز صحيح الرواية من سقيمها، ويعرف المقبول من الأخبار والمردود وهو للرواية كقواعد النحو لمعرفة صحة التراكيب العربية، فلو سمى منطق المنقول وميزان تصحيح الأخبار، لكان اسمًا على مسمى (١).

وقد حرر العلماء، هذه القواعد التي وضعوها لقبول الحديث، وحققوها بأقصى ما في الوسع الإِنساني، احتياطًا لدينهم. فكانت قواعدهم التي ساروا عليها أصح القواعد للإِثبات التاريخي وأعلاها وأدقها، واتبعهم فيها العلماء في أكثر الفنون النقلية، فاتبعهم علماء اللغة وعلماء الأدب وعلماء التاريخ وغيرهم، فاجتهدوا في رواية كل نقل في علومهم بإسناده، وطبقوا قواعد هذا العلم عند إرادة التوثق من صحة النقل في أي شيء يرجع فيه إلى النقل، فهذا العلم في الحقيقة أساس لكل العلوم النقلية.

وقد نشأ هذا العلم مع نشأة الحديث الشريف في زمن الرسول - صلى الله عليه وسلم -. وكان صاحب الرسالة عليه الصلاة والسلام هو الواضع لجذور هذا العلم وأسسه، فقد جاء عنه أنه قال: "نضر الله امرءًا سمع منا حديثًا، فحفظه حتى يبلغه، فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ورب حامل فقه ليس


(١) مقدمة الشيخ محمد عبد الرزاق حمزة على الباعث الحثيث، ص ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>