الأسانيد في معظمه، لما ذكرته من إيثار الاختصار، ولكونه موضوعًا للمتعبدين، وليسوا إلى معرفة الأسانيد متطلعين، بل يكرهونه - وإن قصر - إلا الأقلين، ولأن المقصود به معرفة الأذكار والعمل بها، وإيضاح مظانها للمسترشدين. وأذكر إن شاء الله تعالى بدلًا من الأسانيد ما هو أهم منها مما يخل به غالبًا وهو بيان صحيح الأحاديث وحسنها وضعيفها ومنكرها، فإنه مما يفتقر إلى معرفته جميع الناس إلا النادر من المحدثين، وهذا أهم ما يجب الاعتناء به، وما يحققه الطالب من جهة الحفاظ المتقنين، والأئمة الحذاق المعتمدين، وأضم إليه إن شاء الله جملًا من النفائس من علم الحديث، ودقائق الفقه، ومهمات القواعد ورياضات النفوس، والآداب التي تأكد معرفتها على السالكين، وأذكر جميع ما أذكره موضحًا بحيث يسهل فهمه على العوام والمتفقهين (١).
وقد روينا في صحيح مسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"من دعا إلى هدى، كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا".
فأردت مساعدة أهل الخير بتسهيل طريقه، والإِشارة إليه وإيضاح سلوكه، والدلالة عليه، وأذكر في أول الكتاب فصولًا مهمة يحتاج إليها صاحب هذا الكتاب وغيره من المعتنين، وإذا كان في الصحابة من ليس مشهورًا عند من لا يعتني بالعلم نبهت عليه فقلت: روينا عن فلان الصحابي، لئلا يشك في صحبته وأقتصر في هذا الكتاب على الأحاديث التي في الكتب المشهورة التي هي أصول الإِسلام وهي خمسة: صحيح البخاري وصحيح مسلم وسنن أبي داود والترمذي والنسائي، وقد أروي يسيرًا من الكتب المشهورة وغيرها.