للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والطريق في معرفة علة الحديث أن يجمع طرقه فينظر في اختلاف رواته وحفظهم، وإتقانهم (١).


(١) وقد تكلم الدكتور همام عن وسائل الكشف عن العلة، ولا بد لعالم العلل أن يكون على علم بها، وأنا أذكرها باختصار لمزيد الفائدة.
الوسيلة الأولى: معرفة المدارس الحديثية، نشأتها ورجالها. وبهذه المعرفة يعالج الباحث أسانيد كثيرة فيكشف عن علتها، فإذا كان الحديث كوفيًا احتمل التدليس أو الرفض. وإن كان بصريًا احتمل النصب وتأثير الأرجاء والاعتزال في إسناده. فإذا روى المدينون عن الكوفيين فإنها تختلف الاحتمالات عما إذا روى المدينون عن البصريين، قال الحاكم: المدينون إذا رووا عن الكوفيين زلقوا. وأما حديث الشام عن المدارس الأخرى فأكثره ضعيف. معرفة علوم الحديث، ص ١١٥.
الثانية: معرفة من دار عليهم الإِسناد، وأوثق الناس فيهم، وتمييز أصح الأسانيد وأضعفها، قال علي بن المديني: نظرت فإذا الإِسناد يدور على ستة، فلأهل المدينة ابن شهاب ولأهل مكة عمرو بن دينار ولأهل البصرة قتادة بن دعامة السدوسي ويحيى بن أبي كثير ولأهل الكوفة أبو إسحاق السبيعي وسليمان بن مهران إلى آخر ما قال. العلل لعلي بن المديني ٣٦ - ٤٠.
الثالثة: معرفة الأبواب ورجل العلل الحافظ الفهم العارف لم يصل إلى ما وصل إليه إلا بعد أن جمع الأحاديث في الأبواب. وفي معرفة الأبواب وحصرها اشتهر الإِمام أحمد والبخاري وأبو زرعة وهو الذي يقول لعبد الله بن أحمد الإِمام: ذاكرت أباك فوجدته يحفظ ألف ألف حديث. فقال عبد الله: كيف ذاكرته.
قال أبو زرعة: ذاكرته على الأبواب. شرح علل الترمذي ١/ ٢٠٩؛ وتذكرة الحفاظ ٢/ ٤٣١.
الرابعة: معرفة المتشابه من الأسماء والكنى والألقاب: وأن الباحث ليدهش وهو يجد أن أربعة عشر رجلًا من الثقات يحملون اسم إبراهيم بن يزيد. وكما تتشابه الأسماء تتشابه الكنى ولا بد من معرفتها من قبل صاحب هذا الشأن. وإلى جانب التشابه في الكنى نجد الكثير من الكنى التي لم يشتهر أصحابها بها فاستغلها المدلسون ستارًا لتدليسهم. ولكن المعرفة الواسعة التي يتمتع بها الناقد تقف لكل ذلك بالمرصاد. =

<<  <  ج: ص:  >  >>