(١) وعلة الإِسناد تأتي على خمسة أنواع: أولًا: إبطال السماع الصريح أو نفي السماع المتوهم بالعنعنة. الأصل أن التصريح بالسماع من الراوي الثقة معتبر، وكذلك إذا روى السند معنعنًا "أو" مؤننًا" فإنه معتبر كذلك بشرط كون الراوي بريئًا من التدليس، ولكن رغم التصريح بالسماع ورغم المعاصرة الأكيدة بين الراوي والمروي عنه وسلامة الراوي من التدليس، قد يكشف النقاد من أهل صنعة العلل أن الإِسناد منقطع، ولا حقيقة لهذا السماع. ثانيًا: إبدال الإِسناد كله أو بعضه، كما في حديث البسملة الآتي. ورغم هذا الخطأ بقي الإِسناد المعل بحمل السلامة الظاهرة حتى كشف النقاد عن علته، وعرفوا وجه التغيير الذي طرأ على الأصل. وقد يكون هذا الوهم ناشئًا عن ملابسات خاصة بالإِسناد، وقد يكون ناشئًا عن الوهم المجرد. ومثال الملابسات الخاصة أن يشتهر إسناد معين على لسان راو معين، كمالك عن نافع عن ابن عمر، أو كسعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة، أو كأبي بردة عن أبيه. فكل حديث يروى عن مالك قد يسبق اللسان إلى نافع عن ابن عمر. وفي واقع الأمر يكون مالك قد رواه عن غير نافع. ثالثًا: الوهم في رفع الموقوف أو وصل المرسل أو ما فيه انقطاع. وهذا النوع من علة الإِسناد هو ميدان العلل الأوسع والأكبر. فقد يروى الحديث مرفوعًا ولكن النقاد يكشفون عن وهم في رفعه ويثبتون أن وقفه أصح، وقد يروى الحديث متصلًا وإرساله أثبت وآكد، أو قد يروى متصلًا وهو في الحقيقة معضل أو منقطع. رابعًا: جمع الشيوخ وبقاء اللفظ واحدًا. الأصل أن يوجد بعض الاختلاف في روايات الحديث الواحد، لتصرف الرواة في لفظ الحديث، دون المعنى، فإذا روى أحد الرواة حديثًا واحدًا عن عدد من الشيوخ، ثم ساق اللفظ سياقًا واحدًا، فإن هذا دليل على الوهم والخطأ إلا أن يكون الراوي مبرزًا في الحفظ جدًا. =