للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأطلق بعضهم (١) اسم العلة على مخالفة لا تقدح، كإرسال ما وصله الثقة الضابط، حتى قال: من الصحيح ما هو صحيح معلل، كما قال آخر: من الصحيح، صحيح شاذ. والله أعلم.


(١) المراد بهذا البعض أبو يعلى الخليلي، قال في كتاب الإِرشاد: صحيح متفق عليه، وصحيح معلول وصحيح مختلف فيه. الإِرشاد (٣/ ب ٤/ أ ٧/ ب) ج ١.
تنبيه - قال الدكتور همام: لقد شاع على ألسنة كبار النقاد أثناء وصفهم لعلم العلل بأنه أقرب إلى الكهانة والعرافة لغموض أسبابه وخفاء طرائقه، وكأنه معرفة نفسية أو وجدانية أكثر منه معرفة عقلية علمية - وفي هذا يقول إمام من أئمة هذا الفن وهو عبد الرحمن بن مهدي: معرفة الحديث إلهام، فلو قلت للعالم بعلل الحديث: من أين لك هذا؟ لم يكن له حجة. ونقل عن أبي حاتم ما يشبه هذا.
وأرى أن جعل معرفة العلة هيئة نفسانية وخواطر وجدانية، لا يستفاد من مجموع كلام النقاد، ولا يشهد له هذا العلم، بل يشهد عليه، وهو مرفوض بمنطق مئات الأمثلة والشواهد التي احتواها كتاب ابن رجب.
ومعنى كلام النقاد: أن كل علم هو كالعرافة والسحر بالنسبة لمن يجهله لأن كل علم له مبادئه وطرائقه وقوانينه لا بد من معرفتها لكل من يريد الإِحاطة به.
قال: وإلى جانب ما سبق أقول: إن كتب العلل في أكثرها أسئلة وأجوبة وهذه الأجوبة في معظمها يحمل الحجة والدليل. ويضاف إلى كل ما سبق: أن منهج علماء الحديث هو جزء من المنهج الإِسلامي العام القائم {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}. والمنهج الإِسلامي هو أول منهج أخرج الإِنسان من سلطان الطلاسم والفيوض الوجدانية، وحرره من تحكم الأهواء والأوهام والخواطر.
يقول: وإن كنت أطلت في مناقشة هذه القضية فلخطورتها وأهميتها حتى أنها تقف أمام كل باحث في العلل لتشعره باستحالة البحث والوصول إلى نتائج جديدة. انتهى ملخصًا.
انظر: العلل في الحديث، ص ١١٧، ١٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>