إذا اختلفت مخارج الحديث وتباعدت ألفاظه، أو كان سياق الحديث في حكاية واقعة يظهر تعددها، فالذي يتعين القول به أن يجعلا حديثين مستقلين. فأما إذا بعد الجمع بين الروايات بأن يكون المخرج واحدًا، فلا ينبغي سلوك تلك الطريق المتعسفة. لأن الغالب أن هذا الاختلاف من الرواة في التعبير ولا يلزم من ذلك تعدد الواقعة. بل يكون الحل فيه أحيانًا على طريق المجاز، أو بتقييد في الاطلاق، أو بتخصيص العام، أو بتفسير المبهم وتبيين المجمل. وأما ما يبعد فيه احتمال التعدد ويبعد أيضًا فيه الجمع بين الروايات فهو على قسمين: أحدهما: ما لا يتضمن المخالفة بين الروايات اختلاف حكم شرعي فلا يقدح ذلك في الحديث، وتحمل تلك المخالفات على خلل وقع لبعض الرواة إذ رووه بالمعنى متصرفين بما يخرجه عن أصله. وأما الأحاديث التي رواها بعض الرواة بالمعنى الذي وقع له، وحصل من ذلك الغلط لبعض الفقهاء بسببه، وهذا لا يتأتى إلا لو كان مخرج الحديث مختلفًا. فأما والسند واحد متحد فلا ريب في أنه حديث واحد اختلف لفظه فتكون بعض رواياتها مقبولة. وغيرها شاذة. انتهى. انظر: من ص ٥٦٧ إلى ص ٥٨٦؛ وتوضيح الأفكار ٢/ ٤٠ - ٤٨؛ ومجموع كلام ابن دقيق العيد أيضًا يدل على هذا في الاقتراح، ص ٢٢٠ - ٢٢٢. (١) قال ابن حجر نقلًا عن العلائي كما تقدم: الاختلاف الذي يقع في السند يتنوع أنواعًا: ١ - أحدها: تعارض الوصل والإِرسال. ٢ - ثانيها: تعارض الوقف والرفع. ٣ - ثالثها: تعارض الاتصال والانقطاع. ٤ - رابعها: أن يروي الحديث قوم - مثلًا - عن رجل عن تابعي عن صحابي، ويرويه غيرهم عن ذلك الرجل عن تابعي آخر عن الصحابي بعينه. خامسها: زيادة رجل في أحد الإِسنادين. =