ولعل كتاب الإِرشاد من الكتب التي ابتدأ بها حياته العلمية، فهو كتاب يضم قواعد تضبط الآثار والأخبار، تحملًا وأداءً، وهو ممن وقف عمره لخدمة ذلك فهو بحاجة ماسة إلى كتاب يساعده على بلوغ هذه الأمنية، فكانت القواعد، وكان اختصارها عملًا يثبت تلك المعلومات ويثريها، وقد فعل.
ولم يكن في عمله هذا مجرد مختصر، بل هو مختصر ومحقق ومدقق ومستدرك وكل هذا ظاهر في ثنايا كتاب الإِرشاد من الورقة الأولى حتى آخر ورقة منه. وإقدام النووي على مثل هذا العمل يحتاج إلى كشف غور مقصده، ولولا العبارات التي كتبها في مقدمة الإِرشاد، لذهبت النفس في تفسير هذا العمل كل مذهب ولكن عباراته الواضحة في مقدمته قربت الأمور، وجعلتها واضحة محصورة.
وتتلخص دراسة منهج كتاب الإِرشاد بالمقارنة إلى ما في التقريب فيما يلي:
١ - إن الإِمام النووي رحمه الله ألف كتاب الإِرشاد قبل التقريب كما صرح به هو في مقدمته (١).
٢ - إن أسلوبه في الإِرشاد مغاير لما في التقريب، فإنه متقيد في الإِرشاد بعبارات ابن الصلاح وترتيبه وقد أعفى نفسه من هذا التقييد في تقريبه لذا نراه حذف بعض الفروع المفردة التي ذكرها ابن الصلاح، وأدخل بعض الفروع في بعض.
٣ - إن في الكتابين مادة علمية مشتركة، سواء فيما يتعلق بكلام النووي، أو فيما يتعلق بمادة كتاب ابن الصلاح أو ما يتعلق بمصادر أخرى.