للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كتابه أنَّه خلقها ليسكن إليها، وجعل بينهما مودة ورحمة، فالمودةُ والرحمة بين الرجل وزوجته (١) ، والعداوة بين الإنسانِ والشيطان.

وقد تقدَّم ذكر آدم وزوجه وإبليس وهم ثلاثة، فلماذا يعود الضميرُ على بعض المذكور -مع منافرته لطريق الكلام- دون جميعه، مع أنَّ اللفظ والمعنى يقتضيه، فلم يصنع الزمخشري شيئًا.

وأمَّا قوله تعالى في سورة طه: {قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} [طه: ١٢٣]. وهذا خطاب لآدم وحوَّاء، وقد جعلَ بعضهم عدوًّا لبعضٍ: فالضمير في قوله: {اهْبِطَا} إمَّا أنْ يرجعَ إلى آدم وزوجه، أو إلى آدمَ وإبليس، ولم يذكر الزوجة؛ لأنَّها تبع (٢) له وعلى هذا، فالعداوة المذكورة للمخاطبين بالإهباط، وهما: آدم وإبليس، فالأمر (٣) ظاهر، وأمَّا على الأوَّل، فتكون الآية قد اشتملت على أمرين:

أحدهما: أمره تعالى لآدم وزوجه بالهبوط.

والثاني: إخباره بالعداوة بين آدم وزوجه، وبين إبليس؛ ولهذا أتى بضمير الجمع في الثاني دون الأوَّل، ولا بدَّ أن يكون إبليسُ داخلًا في حكمِ هذه العداوة قطعًا، كما قال تعالى: {إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ} [طه: ١١٧]، وقال للذرية: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا} [فاطر: ٦].


(١) في "ب، ج، د": "وامرأته".
(٢) ليس في "أ".
(٣) في "ج": "بالأمر"، وفي "أ، هـ": "فبالأمر".