للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتأمَّل كيفَ اتَّفقت المواضع التي فيها ذِكْرُ العداوةِ على ضمير الجمعِ دون التثنية؟

وأمَّا الإهباط: فتارة يُذْكَرُ (١) بلفظِ الجمع، وتارةً بلفظِ التثنية، وتارة بلفظِ الإفرادِ، كقوله في سورة الأعراف: {قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا} [الأعراف: ١٣] وكذلك في سورة (ص)، وهذا لإبليس وحده.

وحيثُ وردَ بصيغة الجمع: فهو لآدم وزوجه وإبليس، إذْ مدار القصَّة عليهم.

وحيث وردَ بلفظ التثنية: فإمَّا أن يكون لآدم وزوجه، إذ هما الَّلذانِ باشرا الأكلَ من الشجرة، وأقدما على المعصية.

وإمَّا أنْ يكون لآدمَ وإبليس، إذ هما أَبَوَا الثقلين، وأصْلا الذُّريَّة، فذكر حالهما، وما آل إليه أمرهما ليكون عظةً وعبرة لأولادهما، وقد حُكِيت القولان في ذلك.

والَّذي يوضح أنَّ الضمير في قوله: {قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا} [طه: ١٢٣] لآدم وإبليس، أنَّ (٢) اللَّه سبحانه لمَّا ذكرَ المعصيةَ أفرد بها آدم دون زوجه، فقال: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (١٢١) ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى (١٢٢) قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا} [طه: ١٢١ - ١٢٣]. وهذا يدلُّ على أنَّ المخاطب بالإهباطِ هو آدم ومن زين له المعصية، ودخلت الزوجة تبعًا، فإنَّ المقصودَ إخبار اللَّه سبحانه للثقلين بما جرى على أبويهما من


(١) في "ج، هـ": "يذكره".
(٢) في "ب، د": "لأنَّ".