للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أخبر اللَّهُ به؟

قالوا: ومن المعلوم أنَّ ما فوق السماوات ليس بمكان للطين الأرضي المتغير الرَّائحة الَّذي قد أنْتَن من تغيره، وإنَّما محل هذا الأرضِ التي هي محل المُتَغيَّرات الفاسدات، وأمَّا ما فوق الأفلاك فلا يلحقه تَغَيُّر ولا نَتَنٌ ولا فسادٌ (١) ولا استحالة، فهذا أمرٌ لا يرتابُ فيه العقلاء.

قالوا: وقد قال اللَّهُ تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ (١٠٨) } [هود: ١٠٨]، فأخبر سبحانه أنَّ عطاء جنة الخلد غير مجذوذ.

قالوا: فإذا جُمِعَ ما أخبر اللَّهُ سبحانه به من أنَّه خلقه من الأرضِ، وجعله خليفة في الأرضِ، وأنَّ إبليس وسوس إليه في مكانه الَّذي أسكنه فيه، بعد أنْ أهبطه من السماء بامتناعه من السجود له، وأنَّه أخبر ملائكته أنَّه {جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة: ٣٠]، وأنَّ دار الخلد: دار جزاء وثوابٍ على الامتحان والتَّكاليف، وأنَّها لا لغوَ فيها ولا تأثيم ولا كِذَّابًا، وأن من دخلها لا يخرج منها، ولا يَبْؤُس ولا يحزن، ولا يخاف ولا ينامُ، وأنَّ اللَّهَ حرمها على الكافرين، وإبليس رأس الكفر، فإذا جُمِعَ ذلك بعضه إلى بعضٍ، وفكَّر فيه المُنْصِفُ الَّذي رُفِعَ له علم الدليل، فشمَّر إليه، وربأ بنفسه عن حضيض التقليد تَبَيَّن له الصوابُ، واللَّهُ الموفق.


(١) قوله: "ولا فساد" ليس في "أ، ج".