للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه السلام عن الاستفتاح (١) للخطيئة التي تقدمت منه في دار الدنيا، وأنَّه بسبب تلك الخطيئة حصل له الخروج من الجنَّة، كما في اللفظ الآخر: "إني نُهِيتُ عن أكل الشجرة فأكلت منها" (٢) ، فأينَ في هذا ما يدل على أنَّها جنة المأوى بمطابقةٍ أو تَضَمُّن أو اسْتِلزام، وكذلك قول موسى له: "أخرجتنا ونفسَكَ من الجنَّة" (٣) ، فإنَّه لم يقل له: أخرجتنا من جنة الخلد.

وقولكم: إنَّهم خرجوا إلى بساتين من جنس الجنَّة التي في الأرضِ، فاسم الجنَّة وإن أُطْلِقَ على تلك البساتين، فبينها وبين جنَّة آدم ما لا يعلمه إلَّا اللَّهُ، وهي كالسجن بالنَّسبة إليها، واشتراكهما في كونهما في الأرضِ لا ينفي تفاوتهما أعظم تفاوتٍ في جميع الأشياء.

وأمَّا استدلالكم بقوله تعالى: {وَقُلْنَا اهْبِطُوا} [البقرة: ٣٦] عقيب إخراجهم من الجنَّة، فلفظُ الهبوط لا يستلزم النزول من السماء إلى الأرض، وغايته أن يدلَّ على النزول من مكان عال إلى أسفل منه، وهذا غير منكر، فإنَّها كانت جنَّةً في أعلى الأرضِ، فأُهبِطوا منها إلى الأرضِ.


(١) وقع في "أ": "الاستقباح" * ولعلَّ المثبت هو الصوابُ، بدليل ما ورد في النَّص: "فيأتون آدم فيقولون: يا أبانا استفتح لنا الجنَّة. . " إلخ *.
(٢) أخرجه البخاري رقم (٣١٦٢)، ومسلم رقم (١٩٤) من حديث أبي هريرة الطويل في الشفاعة.
(٣) تقدم تخريجه ص (٥٦ - ٥٧).