للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمَّا قوله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} وذلك أنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى أنزل: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (٢٦) } [الرحمن: ٢٦]، فقالت الملائكة: هلك أهل الأرض - وطَمِعُوا في البقاءِ - فأخبر اللَّه سبحانه وتعالى عن أهل السماواتِ وأهل الأرضِ أنَّهم يموتون فقال: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ} [القصص: ٨٨]-يعني: ميِّت- {إِلَّا وَجْهَهُ}؛ لأنَّه حيٌّ لا يموت، فأَيْقَنَتِ الملائكة عند ذلك بالموت" (١) . انتهى كلامه.

وقال في رواية أبي العباسِ أحمد بن جعفر بن يعقوب الإصْطَخْرِي، ذكره أبو الحسين في كتاب "الطبقات" (٢) قال: "قال أبو عبد اللَّهِ أحمد بن حنبل: هذه مذاهب أهل العلمِ، وأصحاب الأثرِ، وأهل السنَّة المتمسِّكين بعروتها، المعروفين بها، المتقدى بهم فيها، من لدن أصحاب نبينا -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى يومنا هذا، وأدركتُ من أدركتُ من (٣) علماء أهل الحجاز والشَّام وغيرهم عليها، فمن خالف شيئًا (٤) من هذه المذاهب، أو طعن فيها، أو عاب قائلها، فهو مخالف مبتدع خارج عن الجماعة، زائلٌ عن منهج السنَّة وسبيل الحقِّ".

وساق أقوالهم إلى أنْ قال: "وقد خلقت الجنَّةُ وما فيها، وخلقت النَّار وما فيها، خلقهما اللَّهُ عزَّ وجل، وخلق الخلق لهما (٥) ، ولا


(١) انظر: الرد على الجهمية والزنادقة للإمام أحمد ص (١٤٨).
(٢) من قوله: "أحمد بن جعفر" إلى "الطبقات" سقط من "ب".
(٣) ليس في "ب".
(٤) ليس في "ب".
(٥) في "ب": "وخلق كلَّ شيءٍ الخلق لهما" بدل "وخلق الخلق لهما".